الأحد، 24 مايو 2009


القدس كمدينة تعيش في هذه الأيام أصعب فترات حياتها، حيث التهويد الذي قضى على جميع أراضي المدينة، وكذلك الجدار الذي يخنق الأحياء الفلسطينية، والحفريات تحت أساسات المسجد الأقصى تمهيدا لتدميره، فقد شكلت مدينة القدس منذ البداية هدفاً استيطانيا مركزياً عند الحركة الصهيونية في جميع مراحل الصراع العربي الصهيوني.

إن ما تقوم به المؤسسة الإسرائيلية حالياً لربما يصب في التسريع في إحكام السيطرة على المسجد الأقصى والإسراع في تهويد البلدة القديمة، فقد قامت سلطات الاحتلال بوضع إشارات وعلامات باللغة العبرية وبمسميات عبرية على مداخل الأحياء العربية، فالقادم إلى سلوان من جهة باب الأسباط-أحد بوابات الأقصى- يرى على المدخل الضيق للحي إشارة برتقالية صغيرة، مكتوب عليها باللغة العبرية "عير دافيد"، أي مدينة داود، وفي الحقيقة هي سلوان.

مواقف السيارات والأرصفة المبلطة وامنازل المسقوفة بالقرميد، لا يمكن أن تعطي الانطباع بأن الوضع على ما يرام، وأن ذلك يندرج في إطار التعايش السلمي الذي تروج له (إسرائيل)، فهذه المشاهد التي تطغى عليها الأعلام الإسرائيلية ما هي إلا جزء من الاستيطان اليهودي الذي تغلغل إلى العديد من أرجاء الحي.

إن عدد البؤر الاستعمارية في سلوان يبلغ حاليا 55 بؤرة، تشمل منازل وساحات وعمارات وشقق، تتركز في وادي حلوة، لأن هؤلاء المستوطنين يعتقدون بأن نشأة الدولة العبرية اليهودية قبل 3000 عام كانت في وادي حلوة".

هذا ولا بد من الإشارة إلى أن أعمال الحفريات أسفل المسجد الأقصى مستمرة ليل نهار، وتعتبر الحفريات التي تقوم بها جماعة أمناء الهيكل تحت المسجد الأقصى من أهم الأخطار التي تحيق به، وقد بدأت هذه الحفريات منذ عام 1967 تحت البيوت والمدارس والمساجد العربية بحجة البحث عن هيكل سليمان، ثم امتدت في عام 1968 تحت المسجد الأقصى نفسه، وذلك لتعريض أساسات المسجد الأقصى للخطر، وبالتالي تعريض المسجد للانهيار والهدم وإعادة بنائه بصورة جديدة من أجل تغيير ملامح المدينة المقدسة والمسجد الأقصى والأحياء الفلسطينية حسب المخططات الصهيونية.

و أن هناك خمسة أنفاق تم حفرها منذ سنوات تحت سلوان، منها ما يصل إلى سور الأقصى ومنها ما يصل إلى حائط البراق ومنها ما يصل إلى منطقة سلوان الجنوبية، وما زالت الحفريات جارية على قدم وساق، ومؤخرا أصدرت هذه الجماعات الاستيطانية خرائط جديدة لسلوان تحمل أسماء عبرية للمواقع والمنشآت، من اجل فرض أمر واقع تهويدي، مستخدمين في ذلك العديد من طرق الاستيلاء على العقارات العربية تكون بعدة أساليب، كتزوير الوثائق أو شرائها من أصحابها ذوي الضمائر الميتة، أو تحويلها لليهود باعتبارها أملاك غائبين.

وأن ما قامت به السلطات الإسرائيلية أخيراً هو جزء من هذه المخططات إن (إسرائيل) ساعية نحو تهويد المسجد الأقصى وما يحيط به من قرى وتجمعات فلسطينية، فعلى مدخل سلوان أقيم مركز الزوار وهو مركز خاص يعرف الزوار والسياح الأجانب بالموقع على انه لليهود، حيث يقدم الدليل السياحي لمحة عن الآثار، ويدعي ويكذب مستخدما العبارات والمصطلحات اليهودية، متجاهلا التاريخ العربي والإسلامي، وتعود أرباح المركز لجمعية "إلعاد الاستعمارية" المتخصصة بالاستعمار في سلوان

كما أن السلطات الصهيونية تسعى إلى تفريغ المنطقة من سكانها الشرعيين، فقد شرعت بلدية القدس بهدم ما يزيد عن أربعمائة بيت في سلوان، منذ عام 2000 حتى يومنا هذا ، و أن عدد البيوت المهددة بالهدم يبلغ 2200 بحجة البناء غير المرخص، علما بأنه لا يمكن الحصول على رخصة بناء بسهولة.

إن تهويد القدس وتقويض المسجد الأقصى من مكانته في قلوب المسلمين هو هدف صهيوني تسعى إليه السلطات الصهيونية منذ عشرات السنين، من أجل تغيير ملامح المدينة الإسلامي والجغرافي والديموغرافي، فتهويد القدس أولاً وآخراً ذلك هو الحلم الصهيوني الذي تسعى إليه الحركة الصهيونية، والذي لا تراجع عنه من وجهة نظرهم مهما تكن الأسباب والظروف، مستغلين ما تعانيه أمتنا من أوضاع الفرقة والضعف والهوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق