الاثنين، 20 يوليو 2009


الإمام البنا يكتب: لماذا يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب
قرر المؤتمر السادس للإخوان المسلمين المنعقد بالقاهرة في ذي الحجة 1361هـ أن يشترك الإخوان المسلمون في الانتخابات النيابية، وأخذ مكتب الإرشاد العام بهذا القرار وقدَّم بعض الإخوان في الانتخابات الماضية، وقرر الأخذ بهذا القرار كذلك في الانتخابات المزمع إجراؤها بعد حلِّ مجلس النواب القائم.
وتساءل بعضُ الناسِ لماذا يشترك الإخوان المسلمون في الانتخابات؟
والإخوان المسلمون- كما عرف الناس وكما أعلنوا عن أنفسهم مرارًا- جمعية للخدمة العامة ودعوة إصلاحية تجديدية تقوم على قواعد الإسلام وتعاليمه، فأما أنهم جمعية للخدمة العامة فذلك هو الواضح من ممارستهم في شعبهم لأنواع هذه الخدمة من ثقافة وبر وإحسان ورياضة وإصلاح بين الناس وإقامة للمنشآت ما بين مساجد ومعاهد ومشافٍ وملاجئ في حدود طاقتهم ومقدرتهم، وأما أنهم دعوة إصلاحية فذلك أن لب فكرتهم وصميمها أن يعود المجتمع المصري والمجتمعات الإسلامية كلها إلى تعاليم الإسلام وقواعده التي وضعها في كل شئون الحياة العملية للناس، ومن البدهي الذي لا يحتاج إلى بيانٍ أن الإسلام ليس دين عقيدة وعبادة فقط، ولكن دين عقيدة وعبادة وعمل تُصطبغ به الحياةُ في كل مناحيها الرسمية والشعبية.
أولئك هم الإخوان المسلمون، جمعية، ودعوة، والدعوة لب فكرتهم وثمرة جهادهم والهدف السامي لكفاحهم الطويل من قبل ومن بعد.
وعماد الدعوة لتنجح وتظهر، تبليغ واضح دائم يقرع بها أسماع الناس ويصل بها إلى قلوبهم وألبابهم، وتلك مرحلة يظنُّ الإخوان المسلمون أنهم وصلوا بهم في المحيط الشعبي إلى حدٍّ من النجاح ملموس مشهود، وبقي عليهم بعد ذلك أن يصلوا بهذه الدعوة الكريمة إلى المحيط الرسمي، وأقرب طريق إليه "منبر البرلمان"، فكان لزامًا على الإخوان أن يزجوا بخطبائهم ودعاتهم إلى هذا المنبر؛ لتعلو من فوقه كلمة دعوتهم، وتصل إلى آذان ممثلي الأمة في هذا النطاق الرسمي المحدود بعد أن انتشرت فوصلت إلى الأمة نفسها في نطاقها الشعبي العام؛ ولهذا قرر مكتب الإرشاد العام أن يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب.
وإذن فهو موقف طبيعيي لا غبارَ عليه فليس منبر البرلمان وقفًا على أصوات دعاة السياسة الحزبية على اختلاف ألوانها، ولكنه منبر الأمة تسمع من فوقه كل فكرة صالحة ويصدر عنه كل توجيه سليم يُعبِّر عن رغبات الشعب أو يؤدي إلى توجيهه توجيهًا صالحًا نافعًا.
وسيفيد الإخوان من هذه الخطوة فوائد جليلة.
سيفيدون على أسوأ الفروض انتهاز هذه الفرصة لنشر الدعوة في هذا المحيط الذي تعترك فيه الفكر وتشتجر فيه الآراء، وما كان لدعوةِ الحق الكريم أن يخفت صوتها في وقتٍ تعلو فيه كل الأصوات ويختلط فيه الحابل بالنابل, ولا قيام للباطل إلا في غفلة الحق.
وسيفيدون بعد ذلك أن يفهم الناس أن دعوتهم لا تقف عند حدود الوعظ والخطابة، ولكنها تحاول أن تشقَّ طريقها إلى المنابر والمجتمعات الرسمية، وأن على المؤمنين بهذه الدعوة أن يهيئوا أنفسهم لهذا الميدان، وأن يستعدوا لخوض غماره.
وسيفيدون إرشاد الناس إلى هذا المظهر الكريم من مظاهر التنافس الفاضل الشريف في هذا الميدان، ستقوم دعاية الإخوان على المبادئ والأهداف، وسيرى الناس أمامهم لونًا فريدًا جديدًا من ألوان الدعاية الانتخابية البريئة المطهرة تستمد من قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾ (الحجرات)، هذه فوائد مقطوع بها مهما كانت النتيجة الانتخابية، وسيفيد الإخوان بعد ذلك- إذا قُدِّر لهم النجاح- وهو المأمول إن شاء الله هذه الصفة الرسمية لدعوتهم، وهذا التسجيل الرسمي لنجاحهم في وصولها إلى آذان الشعب ومداركه، وسيرى كثيرٌ من الناس في هذا النجاح بوادر الأمل القوى في نهضة جديدة وحياة جديدة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، سيخوض الإخوان هذه المعركة وعمادهم تأييد الله إياهم، ودعايتهم فكرتهم التي اختلطت بصميم نفوسهم وأرواحهم، وعدتهم إيمان أنصارهم بأحقية الفكرة بأن تقود الأمة وتهدي الناس سواء السبيل.
ويتساءل فريق من الناس فيقولون: أليس معنى هذا الاشتراك أن الإخوان سيخرجون من حيزهم الديني إلى حيز سياسي فيصبحون هيئةً سياسيةً بعد أن كانوا هيئةً دينيةً؟! ونقول لهؤلاء: إن الإسلام لا يعترف بهذا التفريق بين الأوضاع في حياة الأمة الواحدة، فالهيئة الدينية الإسلامية مطالبة بأن تعلن رأي الإسلام في كل مناحي الحياة، والطريق البرلماني هو أقرب الطرق، وأفضلها لهذا الإعلان، ولا يخرجها هذا عن صفتها، ولا يلونها بغير لونها.
وتقول طائفة ثالثة: أليس هذا التنافس مما يكسب الإخوان أعداءً ومنافسين، والدعوة أحوج ما تكون إلى مصادقة الجميع وتأييد الجميع؟ وذلك كلام طيب جميل، ونحن أحرص ما نكون على أن تظفر الدعوة بهذا الموضع من القلوب، وستكون المعركة الانتخابية الإخوانية معركةً مثاليةً في البعد عن المثالب الشخصية أو إثارة الأحقاد والحزازات، فإذا فهم الناس هذا المعنى وبادلونا إيَّاه فسندخل أصدقاء ونخرج أصدقاء، وإذا لم يفهموه ولم يقدروه فهم الملومون وليست الدعوة ولا أصحاب الدعوة بمكلفين بأن يتجنبوا طرائق نجاحها خشيةَ الناس، والله أحق أن نخشاه، وأية دعوة في الدنيا نريد ألا يكون لها منافسون وخصوم؟ وحسب الدعوة وأصحاب الدعوة شرفًا ألا يخاصموا الناسَ في الباطل، بل في الحق، وأن يحاربوا بأنظف الأسلحة وأنبل الوسائل.
ويوجه بعض المتسائلين سؤالاً جميلاً فيقولون: وماذا تصنعون في اليمين الدستورية إذا نجحتم وفيها النص على احترام الدستور، وأنتم معشر الإخوان تهتفون من كل قلوبكم القرآن دستورنا؟ والجواب على ذلك واضح مستبين فالدستور المصري بروحه وأهدافه العامة من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات لا يتناقض مع القرآن، ولا يصطدم بقواعده وتعاليمه، وبخاصة وقد نص فيه على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وإذا كان فيه من المواد ما يحتاج إلى تعديل أو نضوج فقد نص الدستور نفسه على أن ذلك التعديل والنضوج من حق النواب بطريقةٍ قانونيةٍ مرسومة، وتكون النيابة البرلمانية حينئذٍ هي الوسيلة المثلى لتحقيق هتاف الإخوان.
وبعد: فقد اختار مكتب الإرشاد العام هذا القرار، واتخذه بعد أن درس الموضوع من كل وجوهه، وهو مع ذلك يرقب سير الأمور عن كثب، وسيرسم الإخوان طريقَ اشتراكهم في هذه الانتخابات على ضوء ما يسري من ظروف وملابسات، وسيكون رائده في ذلك الحكمة التامة ومراعاة الظروف العامة والخاصة، وأن يكتسب للدعوة أعظم الفوائد بأقل التضحيات.
والأمور بيد الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* المصدر: جريدة الإخوان المسلمين نصف شهرية، العدد (46)، السنة الثانية، 18 ذو القعدة 1363/ 4 نوفمبر 1944، ص(3-4).

الأربعاء، 1 يوليو 2009


من نحن؟

جماعة من المسلمين، ندعو ونطالب بتحكيم شرع الله، والعيش في ظلال الإسلام، كما نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكما دعا إليه السلف الصالح، وعملوا به وله، عقيدة راسخة تملأ القلوب، وفهمًا صحيحًا يملأ العقول والأذهان، وشريعة تضبط الجوارح والسلوك والسياسات. أسلوبهم في الدعوة إلى الله التزموا فيه قول ربهم سبحانه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل:125). الحوار عندهم أسلوب حضاري، وسبيل الإقناع والاقتناع الذي يعتمد الحجة، والمنطق، والبينة، والدليل.

الحرية فريضة، وحق فطري منحه الله لعباده، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وعقائدهم، والحرية تعني حرية الاعتقاد، والعبادة، وإبداء الرأي، والمشاركة في القرار، ومزاولة حق الاختيار من خلال الاختيار الحر النزيه، فلا يجوز الاعتداء على حق الحرية، أو حق الأمن، ولا يجوز السكوت على العدوان عليها أو المساس بها.

العلم دعامة من دعائم الدولة الإسلامية، والتفوق فيه واجب على الأمة، والعمل سبيل لتأكيد الإيمان، كما هو سبيل لتقدم الأمة، وتوفير كافة سبل الدفاع عن أمنها، والذود عن حرياتها، وردع العدوان، وأداء الرسالة العالمية التي أوجبها الله عليها في تأكيد، وتثبيت معاني ومعالم السلام، والتصدي للهيمنة، والاستعمار، والطغيان، وسلب أو نهب ثروات الشعوب.

كتاب الله، وسنة رسوله اللذان إن تمسكت بهما الأمة فلن تضل أبدًا هما أساس التعاليم، والمفاهيم، والأخلاق، والفضائل، والقوانين، والتركيبات، والضمانات، والضوابط،

والإسلام في فهم الإخوان المسلمين انتظم كل شئون الحياة لكل الشعوب، والأمم في كل عصر، وزمان، ومكان، وجاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة، خصوصًا في الأمور الدنيوية البحتة، فهو إنما يضع القواعد الكلية لكل شأن، ويرشد الناس إلى الطريقة العملية للتطبيق عليها، والسير في حدودها.
وإذا كانت الصلاة عماد الدين، فالجهاد ذروة سنامه، والله هو الغاية، والرسول هو القدوة والإمام والزعيم، والموت في سبيل الله أسمى الأماني.

وإذا كان العدل هو أحد دعائم الدولة في مفهوم الإخوان، فإن المساواة واحدة من أهم خصائصها، وسيادة القانون المستمد من شرع الله؛ لتحقيق العدل يؤكد على المساواة.

العلاقة بين الأمم والدول هي علاقة التكافل والتعاون وتبادل المعرفة، وسبل ووسائل التقدم على أساس النِّدِّيةِ، ولا مجال للتدخل، كما لا مجال لفرض النفوذ والهيمنة والسيطرة أو تهميش ومصادرة حق الآخر.

والإخوان المسلمون جماعة تلتقي عندها آمال محبي الإصلاح، والشعوب المستضعفة، والمسلمين المصادرة حقوقهم.

إنهم دعوة سلفية، إذ يدعون إلى العودة إلى الإسلام، إلى معينه الصافي، إلى كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وطريقة سنية، إذ يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، خاصةً في العقائد والعبادات.

وهي حقيقة صوفية، يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله، والأخوة فيه سبحانه.

وهم هيئة سياسية، يطالبون بالإصلاح في الحكم، وتعديل النظر في صلة الأمة بغيرها من الأمم، وتربية الشعب على العزة والكرامة.

وهم جماعة رياضية، يعتنون بالصحة، ويعلمون أن المؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف، ويلتزمون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لبدنك عليك حقًا"، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تُؤدى إلا بالجسم القوي، والقلب الذاخر بالإيمان، والذهن ذي الفهم الصحيح.

وهم رابطة علمية وثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها، وعلى طلبها، ولو كان في الصين، والدولة تنهض على الإيمان.. والعلم.

وهم شركة اقتصادية، فالإسلام يُعنَى بتدبير المال وكسبه، والنبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: "نعم المال الصالح للرجل الصالح" و(من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفورًا له).

كما أنهم فكرة اجتماعية، يعنون بأدواء المجتمع، ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها.
هذا الفهم للإسلام يؤكد على شمول معنى الإسلام، الذي جاء شاملاً لكل أوجه ومناحي الحياة، ولكل أمور الدنيا والآخرة

ويقول الإمام البنا "إن المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدي الله العلي الحكيم عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها، ومن الظلم للإنسانية في عالمنا المعاصر، أن تقوم فيه دول على ساحة العالم الإسلامي تهتف بالمبادئ الظالمة، وتنادي بالدعوات الغاشمة، وتصادر حقوق الإنسان.. ولا يكون هناك من يعمل لتقوم دولة الحق والعدل والسلام والأمن والحرية.

أما الهدف الذي ستضطلع به الدولة الإسلامية الواحدة فهو: نشر الإسلام في العالم، والدعوة إلى قيمه ومثله وفضائله، وتأكيد قيم الحرية والعدل والمساواة، وإخلاص الوجهة لله عز وجل.. وما أثقل التبعات وما أعظم المهمات يراها الناس خيالاً، ويراها الإنسان المسلم حقيقة؛ فهو لا يعرف اليأس.. ولا يقعد عن مواصلة السير والعمل والعطاء لبلوغ الغاية؛ إرضاءً لله سبحانه وتعالى".

نحن أمام حقائق تفرض نفسها:

أننا أمة لا عز لها ولا مجد إلا بهذا الإسلام عقيدة وفهمًا وعملاً.
- أن الإسلام وحده هو الحل لكافة مشاكل الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية.
- أنه بالإسلام سيكون لكل عامل عمل، ولكل طالب محتاج راتب، ولكل فلاح أرض، ولكل مواطن سكن وزوجة، ومستوى من العيش يليق بالإنسان.
- أن مشكلات احتلال الأرض لن تنتهي إلا من خلال رفع علم الإسلام وإعلان الجهاد.

- أن الوحدة العربية لن تتم إلا بالإسلام، وأن توحيد وتحقيق وحدة المسلمين لن يتم إلا بالإسلام. وأن تغيير الميزان لصالح المسلمين أمر ليس بالمستحيل حين يكون هناك التزام بالإسلام.

- وأن العمل لإقامة الحكومة الإسلامية فريضة. وأن التجمع على أساس الإسلام فريضة. وأن كل تجمع لإقصاء الإسلام لا يجوز، ومن ثم فهو مرفوض في فهم وعرف الإنسان المسلم.

- وأن إقامة الدولة الإسلامية أكثر إمكانًا من غيرها.. فإذا كان أهل الباطل، والذين يعبدون الجماد أو الإنسان أو الحيوان يسعون لتغيير كل شيء- وهم على باطل- فكيف يستبعد المسلم إقامة دولة الإسلام على أرض الإسلام؟
- أن الإسلام يعطي لكل مواطن- له صفة المواطنة على الأرض الإسلامية- حقه في العبادة والحرية والأمن والعمل وحرية إبداء الرأي والانتقال..
وأن التطبيق الإسلامي وحده هو الذي يجمع للأمة أعلى درجات القوة ماديًا ومعنويًا، وأعلى درجات الإنتاج والعطاء، وأعلى درجات التوزيع العادل للثروة، وأعلى مستويات الشفافية.

ماذا نريد؟
إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل واضح الخطوات، فنحن نعلم تمامًا ماذا نريد ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة.

1- نريد أولاً الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته، وفي خلقه وعاطفته، وفي عمله وتصرفه. فهذا هو تكويننا الفردي. الإنسان المسلم قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، القادر على الكسب والعمل، سليم العقيدة، صحيح العبادة، القادر على مجاهدة النفس، الحريص على الوقت، المنظم في شئونه، النافع لغيره ولمجتمعه ولوطنه.

2- ونريد بعد ذلك البيت المسلم في تفكيره وعقيدته وفي خلقه وعاطفته وفي عمله وتصرفه ونحن لهذا نُعنى بالمرأة عنايتنا بالرجل، ونُعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب وهذا هو تكويننا الأسري. البيت المسلم: المحافظ على آداب وخلق إسلامه في كافة مظاهر الحياة المنزلية والمجتمعية. وحين يحسن تكوين الإنسان المسلم عقائديًا، وتربويًا، وثقافيًا.. سيُحسن اختيار الزوجة، وتوقيفها على حقها وواجباتها والمشاركة معها في حسن تربية الأبناء، وحسن التعامل مع الآخرين، والعمل لما فيه صالح المجتمع والأمة

3- ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضًا ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت، وأن يسمع صوتنا في كل مكان، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى وكل مكان
4- ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود هذا الشعب إلى المسجد، ونعمل علي احياء نظام الحكم الاسلامي بكل مظاهره وتكوين الحكومة الاسلامية علي اساس هذا النظام
5- ونريد بعد ذلك أن نضم إلينا كل جزء من وطننا الإسلامي لاقامة دولة الاسلام العالمية (الخلافة الراشدة)
6- ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقةً عاليةً على كل الاماكن السليبة
7- نريد بعد ذلك استاذية العالم و نعلن دعوتنا على العالم وأن نبلغ الناس جميعًا، وأن نعم بها آفاق الأرض
لقد آمنا إيمانًا لا جدال فيه ولا شك معه، واعتقدنا عقيدةً أثبت من الرواسي وأعمق من خفايا الضمائر، بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة وتهدي الناس سواء السبيل، وهي لذلك تستحق أن يضحى في سبيل إعلانها والتبشير بها وحمل الناس عليها بالأرواح والأموال وكل رخيص وغال، هذه الفكرة هي الإسلام الحنيف الذي لا عوج فيه ولا شر معه ولا ضلال لمن اتبعه:

(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18).

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) (المائدة:3).

ففكرتنا لهذا إسلامية بحتة، على الإسلام ترتكز ومنه تستمد وله تجاهد وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل، لا تعدل بالإسلام نظامًا، ولا ترضى سواه إمامًا، ولا تطيع لغيره أحكامًا.
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (آل عمران:85).

فأول واجباتنا نحن الإخوان
أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحةً كاملةً بينةً لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها، وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هو الجزء العملي في هذه الفكرة.

وعمادنا في ذلك كله كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة، لا نبغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس.

وسنجاهد في سبيل تحقيق فكرتنا، وسنكافح لها ما حيينا وسندعو الناس جميعًا إليها، وسنبذل كل شيء في سبيلها، فنحيا بها كرامًا أو نموت كرامًا، وسيكون شعارنا الدائم: الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.


يخطئ من يظن أن جماعة الإخوان المسلمين (جماعة دراويش) قد حصروا أنفسهم في دائرة ضيقة من العبادات الإسلامية، كل همهم صلاة وصوم وذكر وتسبيح. فالمسلمون الأولون لم يعرفوا الإسلام بهذه الصورة، ولم يؤمنوا به على هذا النحو؟ ولكنهم آمنوا به عقيدةً وعبادةً، ووطنًا وجنسيةً، وخلقًا ومادة، وثقافة وقانونًا، وسماحةً وقوةً. واعتقدوه نظامًا كاملاً يفرض نفسه على كل مظاهر الحياة وينظم أمر الدنيا كما ينظم الآخرة. اعتقدوه نظامًا عمليًا وروحيًا معًا فهو عندهم دين ودولة، ومصحف وسيف. وهم مع هذا لا يهملون أمر عبادتهم ولا يقصرون في أداء فرائضهم لربهم، يحاولون إحسان الصلاة ويتلون كتاب الله، ويذكرون الله تبارك وتعالى على النحو الذي أمر به وفي الحدود التي وضعها لهم، في غير غلو ولا سرف، فلا تنطع ولا تعمق، وهم أعرف بقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، إن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى)، وهم مع هذا يأخذون من دنياهم بالنصيب الذي لا يضر بآخرتهم، ويعلمون قول الله تبارك وتعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (لأعراف:32).

وإن الإخوان ليعلمون أن خير وصف لخير جماعة هو وصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رهبان في الليل فرسان في النهار)، وكذلك يحاولون أن يكونوا والله المستعان.

ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين يتبرمون بالوطن والوطنية، فالمسلمون أشد الناس إخلاصًا لأوطانهم وتفانيًا في خدمة هذه الأوطان واحترامًا لكل من يعمل لها مخلصًا، وها قد علمت إلى أي حد يذهبون في وطنيتهم وإلى أي عزة يبغون بأمتهم. ولكن الفارق بين المسلمين وغيرهم من دعاة الوطنية المجردة أن أساس وطنية المسلمين العقيدة الإسلامية. فهم يعملون لوطن مثل مصر ويجاهدون في سبيله ويفنون في هذا الجهاد لأن مصر من أرض الإسلام وزعيمة أممه؟ كما أنهم لا يقفون بهذا الشعور عند حدودها بل يشركون معها فيه كل أرض إسلامية وكل وطن إسلامي، على حين يقف كل وطني مجرد عند حدود أمته ولا يشعر بفريضة العمل للوطن إلا عن طريق التقليد أو الظهور أو المباهاة أو المنافع، لا عن طريق الفريضة المنزلة من الله على عباده. وحسبك من وطنية الإخوان المسلمين أنهم يعتقدون عقيدة جازمة لازمة أن التفريط في أي شبر أرض يقطنه مسلم جريمة لا تغتفر حتى يعيدوه أو يهلكوا دون إعادته، ولا نجاة لهم من الله إلا بهذا.

ويخطئ من يظن أن الأخوان المسلمين دعاة كسل أو إهمال، فالإخوان يعلنون في كل أوقاتهم أن المسلم لا بد أن يكون إمامًا في كل شيء، ولا يرضون بغير القيادة والعمل والجهاد والسبق في كل شيء، في العلم وفي القوة وفي الصحة وفي المال. والتأخر في أية ناحية من النواحي ضار بفكرتنا مخالف لتعاليم ديننا، ونحن مع هذا ننكر على الناس هذه المادية الجارفة التي تجعلهم يريدون أن يعيشوا لأنفسهم فقط وأن ينصرفوا بمواهبهم وأوقاتهم وجهودهم إلى الأنانية الشخصية، فلا يعمل أحدهم لغيره شيئًا ولا يعنى من أمر أمته بشيء، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، كما يقول: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).

ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة فنحن نعلم أن الإسلام عني أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بني الإنسان في مثل قوله تعالى: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة:285). وقد حرم الإسلام الاعتداء حتى في حالات الغضب والخصومة فقال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة:8).

وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم وأديانهم: (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (الممتحنة:8).

كما أوصى بإنصاف الذميين وحسن معاملتهم: ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا ). نعلم كل هذا فلا ندعو إلى فرقة عنصرية، ولا إلى عصبية طائفية. ولكننا إلى جانب هذا لا نشتري هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم في سبيلها على عقيدتنا ولا نهدر من أجلها مصالح المسلمين، وإنما نشتريها بالحق والإنصاف والعدالة
ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين يعملون لحساب احد أو يعتمدون على جماعة من الجماعات. فالإخوان المسلمون يعملون لغايتهم على هدى من ربهم، وهي الإسلام وأبناؤه في كل زمان ومكان، وينفقون مما رزقهم الله ابتغاء مرضاته، ويفخرون بأنهم إلى الآن لم يمدوا يدهم إلى أحد ولم يستعينوا بفرد ولا هيئة ولا جماعة.

على هذه القواعد الثابتة وإلى هذه التعاليم السامية ندعوكم جميعًا. فإن آمنتم بفكرتنا، واتبعتم خطواتنا، وسلكتم معنا سبيل الإسلام الحنيف، وتجردتم من كل فكرة سوى ذلك، ووقفتم لعقيدتكم كل جهودكم فهو الخير لكم في الدنيا والآخرة، وسيحقق الله بكم إن شاء الله ما حقق بأسلافكم في العصر الأول، وسيجد كل عامل صادق منكم في ميدان الإسلام ما يرضي همته ويستغرق نشاطه إذا كان من الصادقين.

وإن أبيتم إلا التذبذب والاضطراب، والتردد بين الدعوات الحائرة والمناهج الفاشلة، فإن كتيبة الله ستسير غير عابئة بقلة ولا بكثرة: (وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران:126).

2- رسالتنا
1- تخليص الامة من قيودها السياسية وبناؤها من جديد
2-اقامة النظام الاسلامي الشامل
3- الوقوف في وجه مدنية المادة
4- سيادة الدنيا وارشاد الناس

من البنا الي الذين عرفونا
والذين عرفونا .. منهم من اكتفى بهذه المعرفة فلم يستكملها ، ولم يتصل بنا ليتعاون معنا على ما نحن بصدده من دعوة الناس إلى الخير ، فهؤلاء ندعوهم إلى أن يعملوا معنا .
ونذكرهم بأنهم مقصرون إن قعدوا عن الاستجابة ، فإن الميدان فسيح يتطلب جهد كل ذى جهد ، ويستدعى عملاً متواصلاً من الجميع ، فلا حجة له فى القعود ، ولا عذر لهم بين يدى الله والناس .
هذا قسم .. وقسم آخر عرفنا واتصل بنا وتعاون معنا ، ولكنه أساء أكثر مما نفع ، إذ لصق بالإخوان وعمل على غير سنتهم وطريقتهم ، فكان دعاية سيئة لهم ، وكان سبباً فى الصد عنهم لا فى تقريب الناس منهم ، فإلى هؤلاء أتوجه بالرجاء أن يكونوا إخواناً بحق يلتزمون تعاليم الإخوان الصحيحة ، أو أن ينصرفوا مشكورين وأمرهم إلى الله .
بالشرع يوزن الاخوان
ورجاؤنا إلى جماهير الشعب الإسلامى أن يزنوا كل منتسب للإخوان بميزان الشريعة السمحة وآداب الإسلام ، فمن استمسك بها ونزل للإخوان على حكمها فهو منا ونحن إخوته ، ومن خالف شيئاً منها أو صدر عنه ما يتنافى معها ، فنحن من عمله برءاء ولا صلة بيننا وبينه .

لايستخفون بالفرائض ولايجترئون علي المعاصي
إن الإخوان المسلمين لا يقصرون فى فرائض الله ، ولا ينتهكون حرماته ، ولا يجرؤون على معصية ، فإن قدر لأحدهم العصيان فهو لا يتجاهر به ، ولن يفخر به ، ولن يسكت عن التوبة منه ، والندم الشديد عليه ، فمن كان مستهيناً بالصلاة أو مستخفاً بالفرائض أو جريئاً على المعاصى ، أو مستهتراً بارتكاب الآثام ، أو ظنيناً فى ريبة فليس منا ، وعلى الذين عرفونا أن يجتنبوا ذلك كله .

يعملون للاخرة ولايقصرون في الدنيا

والإخوان المسلمون مع هذا لا يفرطون فى التعبد ، ولا يبالغون فى التزهد ، ولا يظلمون دنياهم على حساب آخرتهم ، لأن هذا ليس من سنة النبى صلى الله عليه وسلم ، فهم يصومون ويفطرون ، ويقومون ويتريضون ، ويمزحون ويجدون ، ويجاهدون وينبسطون مع أصدقائهم ومع أهليهم ، ويعملون للآخرة ولا ينسون النصيب من الدنيا ، فمن أفرط فى تعبده ، أو تظاهر بتزهده ، أو أهمل حقوق عمله ، أو أساء إلى أهله ، أو فرط فى جانب من جوانب حياته الدنيوية الصالحة يدعى بذلك أن يقوم بواجب الآخرة ، فليس على طريقة الإخوان ، ولا هو من العاملين بمبادئهم .

ليس من الاخوان من لم يتقن عمله
والإخوان المسلمون يعلمون أن الله كتب الإحسان على كل شئ ، حتى من قتل فليحسن القتلة ، ومن ذبح فليحسن الذبحة ، وهم لهذا يعنون بإتقان كل عمل من أعمالهم حتى يبلغ حد الإجادة ، فمن نقص وهو قادر على الكمال أو قصر دون الإجادة والسبق فليس من الإخوان المسلمين ( وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) .
فعلى الذين عرفونا أن يحفظوا ذلك كله وأن يعملوا على غراره ، فعلى الطالب أن يكون أول إخوانه ، وعلى الصانع أن يكون أمهر زملائه ، وعلى التاجر أن يكون أصدق وأبرع أقرانه ، وعلى الموظف أن يكون مثال أداء الواجب من جميع نواحيه ، وعلى كل ذى عمل منا أن يتقنه ، وعلى الناس ألا يعتبروا المقصرين من الإخوان المسلمين مهما حملوا من شارات أو ألصقوا بأنفسهم من ألقاب إخوانية .

يسارعون باداء ما عليهم من حقوق
والإخوان المسلمون يعلمون أن الدين المعاملة ، وأن مطل الغنى الظلم ، فهم لهذا يبادرون بتسديد حقوق الله التى تكون بجانبهم ، ويمثلون أشرف ناحية فى هذا المعنى ، وأن من تجارهم من لا يزال إلى الآن بعد سنين طويلة يسدد أقساطه التجارية قبل موعدها بيوم على الأقل دائماً ، حتى يحتفظ الأخ المسلم بشرفه وكرامته ومنزلته ، فمن ماطل فليس منا ، ومن طمع فيما فى أيدى الناس فليس منا ، ومن أساء الأدب أو الاقتضاء فليس منا ، لأن الدعوة غير هذه السبيل ، فعلى الذين عرفونا أن يكونوا أمثال الأدب فى الوفاء والقضاء والإعطاء والاقتضاء .

الاخلاق اساس دعوتهم
والإخوان المسلمون بعد ذلك كله يعلمون أن الأخلاق أساس دعوتهم ، وأن الله حين أراد أن يمتدح نبيه وهو قدوتنا صلى الله عليه وسلم ، امتدحه بالخلق العظيم ، وأنه تعالى رتب على صلاح النفس صلاح الناس وفلاحهم ، فقال تبارك وتعالى : " ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها " ( الشمس 7 - 10 ) .
فالأخ المسلم لهذا يأخذ نفسه دائماً بالتثقيف والمراقبة والمحاسبة حتى تنطبع على أفضل الأخلاق وأحسنها فهو صادق لا يكذب : ( إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ) ( النحل 105 )
وهو وفى لا يغدر ، ولا يخلف .
وهو حليم لا يسرع بالغضب ، ولا يفحش بالقول .
وهو حيى لا يجهر بالسوء ، ولا يثبت للمنكر .
وهو شجاع يجهر بالحق ، ولا يخشى فيه لومة لائم .
وهو عفيف ، يضع كرامته فوق كل الغايات والأغراض الزائلة .
وهو منصف يقدر الحسنة ، ويزن السيئة ، ويأخذ من كل شئ أحسنه .
وهو حسن التصرف ، وإنما يدبر الأمور على وجوهها ثم يسلك إليها أفضل طرقاتها .
وهو بعد ذلك يعفو ويصفح ، ويدرأ بالحسنة السيئة ، إلا أن تنتهك محارم الله ، فلا يقوم لغضبه شئ .
أيها الإخوان الذين اتصلتم بنا :
كونوا مثال الخلق والفضيلة ، فإن لم تكونوا كذلك فجاهدوا أنفسكم ، فإن أفلحتم فاحمدوا الله ، وإلا فأنتم عن تقويم غيركم أشد عجزاً ، وفاقد الشئ لا يعطيه .
أيها الإخوان الذين اتصلتم بنا :
لا تيأسوا ولكن حاولوا واعملوا ، فهى مرتبة الصابرين ، والله تبارك وتعالى يقول : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "( العنكبوت : 69 )