الاثنين، 22 يونيو 2009


الأسرة محضن التربية والتكوين :الأسرة
يقول الإمام " يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا ويقوى روابطهم ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات ، فاحرص يا أخى على أن تكون لبنة فى هذا البناء " .
والأسرة : ثابت من ثوابت الجماعة، وهى وحدة بناء الجماعة .. فإذا قويت وحدة البناء قويت الجماعة ، وتقوى الأسرة بإقامة أركانها الثلاثة ( التعارف - التفاهم - التكافل ) .
ولا يمكن أن تتحقق هذه الأركان إلا إذا حدث تعايش بين النقيب وأفراد أسرته وبين الأفراد بعضهم وبعض، وكلما زادت المعايشة أمكن أن يزيد الترابط والتلاحم بين أفراد الأسرة ومعهم نقيبهم وتزداد فرص تحقق أركانها.

والشروط لتكون الأسرة محضنا تتلخص في التأكيد على أن الأسرة هي وحدة بناء الجماعة ، ولابد أن تكون الأسرة بكاملها ، وحدة عمل ووحدة سكن جغرافية ما أمكن ذلك ، وتصل التكليفات كل التكليفات عن طريق نقيب الأسرة وهو المسئول أيضا عن متابعة الأعمال والنتائج وذلك من عوامل التئام الأسرة وتماسكها .. فاستشعار الأفراد بقصد أو بدون قصد بأن النقيب هو وسيلة الربط بينهم وبين الجماعة وأنهم يأتمرون بأمره وينفذون تعليماتها في كل ما يأمر به أو يوجه ، كل ذلك يؤدي إلى ربط الأفراد بجماعتهم وتطلعهم دائما إلى تقوية الصلة بها والحرص عليها .. فمثلا عندما يوجه إليه سؤالا لا يعرف إجابته يطلب من السائل إعطائه مهلة لمعرفة رأي الجماعة في الموضوع وعندما ينقل وجهة نظر الجماعة لا ينقلها إلا وهو متأكد تماما مما يقول انه رأي الجماعة وإلا فليمسك عن الإجابة والكلام فمن قال لا أعلم فقد أفتى ، وهذا مما يزيد الثقة فيه وفيما ينقله ، ويؤدي إلى احترام الجماعة التي لا تعطي الواسطة بينها وبينه حق التقول عليها بدون علم

- والنقيب هو حجر الرحى فى العملية التربوية :
والأفراد فى الأسرة هم الحقل الذى يمارس فيه عمله وأى تفريق بين الاثنين يضعف من العملية التربوية.
ولعلى العجب أشد العجب من الذين يحرصون على السؤال عن عدد الأسر ولا يسألون عن مستوى الأفراد فيها أو يسألون عن عدد اللقاءات والنشاطات ولا يسألون عن أثر ذلك فى نمو الأفراد وتكوينهم .
إن كل لقاء للأسرة وكل نشاط من أنشطتها يحتاج إلى متابعة أثناء مزاولتها وبعد الانتهاء منها ولذلك نؤكد هنا على الزيارات الفردية من النقيب للأفراد ومن الأفراد للنقيب ومن الأفراد بعضهم لبعض فيما بين لقاءات الأسرة وبعد كل نشاط .
ولا يصح التعلل بالانشغال وكثرة التكليفات وليس هناك تكليف أهم فى هذا الوضع من الاهتمام ببناء الأفراد وتقوية الأواصر والروابط وتمتين البناء وإلا فماذا نقول إذا قمنا بكل التكليفات وتركنا البناء متداعياً واهناً ، فعلى من نعوّل فى تحقيق الأهداف العظيمة الجليلة ( التمكين لدين الله فى أرضه ) ومتى نحقق وجود الجماعة المنوط بها تحقيق هذا الهدف وتحقيق ما ورد بشأنها " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " .. ونكون ( كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ).
ولنتذكر هنا قول الإمام الشهيد رحمة الله عليه : ( أيها الإخوان إنكم هنا فى دور تكوين فلا يلهيكم السراب الخادع عن حسن الاستعداد وكمال التأهب، اصرفوا تسعين جزءًا من المائة من وقتكم لهذا التكوين وانصرفوا فيه لأنفسكم واجعلوا العشرة أجزاء الباقية لما هو لكم من الشئون حتى يشتد عودكم ويتم استعدادكم وتكمل أهبتكم وحينئذٍ يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين .. ) .
ولكل فرد يتصل بالجماعة أو تتصل به وينضم إليها لابد أن يمر بفترة التكوين وهى المرحلة الهامة فى حياة تأسيس الأفراد وإعدادهم ليكونوا بعد ذلك إن شاء الله حملة مشاعل الهداية قادة ومسئولين .
وفى هذه المرحلة ( مرحلة التكوين ) يجب أن نخلّى بين النقيب وأفراد أسرته ولا نسألهم تكليفاً إلا إذا كان يصب فى خانة التربية والتكوين وبالقدر الذى يتناسب مع المرحلة التى يعيشها من مراحل التربية فى توازن لا يخل بالواجبات الأساسية المطلوبة منه، ويكون مع نقيبه وتحت إشرافه .
يجب أن نحرص تمام الحرص على أن يعيش الأفراد ونقيبهم حتى نهاية مرحلة التكوين متقاربين لا يفصل ولا يفرق بينهم أسلوب عمل أو طريقة أداء، والرأي الراجح، أن توظيف المبتدئين فى الأعمال التربوية أو شبه التربوية ، ليس بالأمر الصحيح.
نحن ولاشك فى حاجة إلى القاعدة الصلبة التى تقوم عليها دولة الإسلام والدعائم والركائز اللازمة لإقامتها وحمايتها ولن يكون هذا إلا بعملٍ جادٍ تربيةً وتكويناً وإعداداً ، وعلينا أن نستقرىء السيرة لنعلم أين نقف وماذا نريد وكيف نحقق ما يجب علينا أن نحققه .

- المعايشة : هى من أهم العوامل التى لا تكتمل التربية إلا بها ، ويمكن معرفة ذلك بسهولة إذا حددنا الوظائف التى تقوم بها التربية ألا وهى :-
أ- تثبيت وتأصيل وتعميق صفات موجودة لدى الفرد– أو الأفراد - وتتفق مع منهج الإسلام، والعمل على تنميتها وتوظيفها لصالح الدعوة والجماعة .
ب- التخلص من صفات موجودة فى الفرد - أو الأفراد - لا تتفق مع منهج الإسلام .
ج- اكتساب صفات جديدة لا تتوافر لدى الفرد ويتطلبها منهج الإسلام والعمل له . وكل الوظائف الثلاث التى تقوم بها التربية لا يمكن أن تتم إلا بالمعايشة ، فبها نحدد ما لدى الفرد من صفات حسنة فنثبتها وننميها ، وما لديه من صفات سيئة فنخلصه منها ، وما يحتاجه من صفات جديدة فنعمل على اكتسابه لها .
وبدون المعايشة تصبح التربية عاجزة عن بلوغ كمالها وقد لا ينبىء مظهرها عن حقيقة مخبرها.
ونضيف إلا ما سبق ما يمكن أن تحققه المعايشة من صفات وفوائد نحن فى أشد الحاجة إليها، وهى :
- تعميق التعارف وهو المدخل الواسع لعاطفة الحب والأخوة حيث تتاح الفرصة لفتح كل نوافذ الحب فى الله .
- تعميق أواصر الأخوة وتحقيق الركن التاسع من أركان البيعة .
- إيجاد مساحة كبيرة من الفكر المشترك إن لم يكن توحيده وتطابقه.
- اكتساب القدرة على حفظ الود بتجنب ما لا ‘يرضى أو ‘يسىء إلى الآخرين .
- تعميق الثقة بين القيادة والجند وكذلك بين الجند والقيادة تحقيقاً للركن العاشر من أركان البيعة .
- إزالة الرهبة أو الإحجام عن إبداء الرأى فى أمر من الأمور الذى يؤدى أحيانا إلى السلبية ولا تصح معها شورى .وكل ما سبق عوامل تؤدى إلى الولاء وتقويته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق